دلع نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
دلع نت

دلع نت

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» اتعظو
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالأربعاء يناير 20, 2010 1:40 pm من طرف Admin

» ظهور العذراء مريم في مصر ..... احداث غريبة وغامضة !
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالسبت يناير 09, 2010 1:26 pm من طرف Admin

» الصلاة {2}
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالأربعاء يناير 06, 2010 1:41 pm من طرف abboude

» والله مسخرة
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالأربعاء يناير 06, 2010 1:31 pm من طرف abboude

» الحب تحت المجهر
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالأربعاء يناير 06, 2010 1:26 pm من طرف abboude

» موضوع مهم
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالأربعاء يناير 06, 2010 1:21 pm من طرف abboude

» الماء
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالأربعاء يناير 06, 2010 1:17 pm من طرف abboude

» الصلاة
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالثلاثاء يناير 05, 2010 8:37 am من طرف Mr.LoVe

» فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف
أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Emptyالثلاثاء يناير 05, 2010 8:30 am من طرف Mr.LoVe

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

أول حرب بين الكفاروالمؤمنين

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1أول حرب بين الكفاروالمؤمنين Empty أول حرب بين الكفاروالمؤمنين الخميس ديسمبر 10, 2009 4:39 am

mahmoad

mahmoad

و كان أكثر المؤمنين يريدون مواجهة العير دون النفير ، مواجهة غير ذات الشوكة ، حتّى يكسبوا الأموال و يجمعوا الغنائم. و إليه يشير قوله سبحانه : ( وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اْللّهُ إحْدَى اْلطَّآئِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَ تُوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَ يُريِدُ اْللّهُ أَنْ يُحِقَّ اْلحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَ يَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الحقَّ وَ يُبْطِلَ البَاطِلَ وَ لَوْكَرِهَ المُجْرِمُونَ ) ( الأنفال/7 ـ 8 ).
و قد عرفت أنّ النّبي قال لهم : « إنّ اللّه تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين » ولكنّ إرادة اللّه سبحانه غلبت على إرادتهم فالتقوا بالنفير دون العير ، لما في ذلك من إظهار للحق ، و عزاز للإسلام ، و إستئصال للكافرين ، و إبطال للباطل.

إنتقال الرّسول إلى مكان قريب من بدر
و لمّا وقف الرّسول على أنّ الأنصار مستعدّون للحرب و القتال ، و أنّ حربهم و قتالهم عن رغبة و رضى ، ارتحل الرّسول من « ذفران » و قطع منازل حتّى نزل قريباً من « وادي بدر » ، فركب هو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) و رجل من أصحابه يتعرّفان أخبار قريش ، فوقف ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على شيخ في المنطقة ، فسأله عن قريش و عن محمّد و أصحابه.
قال الشيخ : إنّه بلغني أنّ محمّداً و أصحابه خرجوا يوم كذا و كذا ، فإن كان الذّي أخبرني صدق ، فهم اليوم بمكان كذا و كذا ( فسمّى المكان الّذي به رسول اللّه ) ، و بلغني أنّ قريشاً خرجوا يوم كذا و كذا ، فإن كان الّذي أخبرني صدق ، فهم اليوم في مكان كذا و كذا ( فسمّى المكان الّذي فيه قريش ) ; ثم انصرف. فلمّا أمسى بعث علي بن أبي طالب مع غيره يلتمسون الخبر له ، فأصابوا راوية (1) لقريش ، و عليها غلامان لهم ، فأتوا بهما فسألوهما ، فقالا : نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء و هؤلاء وراء هذا الكثيب; فقال لهما رسول اللّه : كم القوم ؟ قالا : كثير ، قال : ما 1 ـ الإبل التي يستقي عليها الماء.
(322)
عدّتهم ؟ قالا : لاندري ، قال : كم ينحرون كل اليوم ؟ قالا : يوماًتسعاً و يوماً عشراً ، فقال رسول اللّه القوم بين التسعمائة و الألف. ثم قال لهما : فمن فيهم من أشراف قريش ؟ فسمّوا أسماء عدّة منهم ، فأقبل رسول اللّه على النّاس ، فقال : هذه مكّة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها.
و لم يكتف النّبي بما وصل اليه من الأخبار ، فأرسل بعض أصحابه حتّى نزل بدراً ، فأناخ إلى تل قريب من الماء ، ثمّ أخذ زقّاً يستقي فيه ، فسمع جاريتين تتنازعان في دين عند « مجدي بن عمرو الجهني » شيخ القبيلة ، فقالت إحداهما للاُخرى ، عند ما تأتي العير غداً أو بعد غد ، فأعمل لهم ، ثمّ اقضي الّذي لك ، فقال مجدي : صدقت : ثّم خلص بينهما. فرجع إلى النّبي ، فأخبره بما سمع ، فأذعن النّبي بأنّ موضع العدو قريب وهم وراء الكثيب.

نزول النّبي في وادي بدر
لمّا كانت قلب المياه في بدر ، أسرع النّبي بالسّير حتّى ينزل ببدر في العدوة الدّنيا ، فمضى و كان الوادي ليّناً و لكن قليل الرمل ، و جاءت الأمطار فلبّدت الأرض للنّبي و أصحابه و لم يمنعهم عن السير ، و لكن أصاب قريشاً من المطر مالم يقدروا على أن يرتحلوا معه ، فخرج رسول اللّه يبادرهم إلى الماء ، حتّى إذا جاء أدنى ماء من بدر ، نزل به.
ثمّ قال رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) به : أشيروا عليّ في المنزل. فقال الحبّاب بن المنذر : يا رسول اللّه أرأيت هذا المنزل ، أمنزل أنزلكه اللّه ، فليس لنا أن نتقدّمه و لا نتأخّر عنه ، أم هو الرأي و الحرب و المكيدة. قال : بل هو الرأي والحرب و المكيدة. قال : فإن هذا ليس بمنزل انطلق بنا إلى أدنى ماء القوم ، فإنّي عالم بها و بقلبها ، بها قليب قد عرفت عذوبة مائه ، و ماء كثير لا ينزح ، ثم نبني عليها حوضاً و نقذف فيه الآنية فنشرب و نقاتل ، و نغور ماسواها من القلب.

(323)
فقال رسول اللّه : يا حبّاب أشرت بالرأي ، و بادر القوم إلى الماء حتّى إذا وصلوا إلى ما يريدون نزلوا فيه. ثم أمر بالقلب فغورت ، و بنى حوضاً على القليب الّذي نزل عليه. فملي ماء ثمّ قذ فوا فيه الآنية (1).

بناء العريش
فلمّا استقرّ لهم المكان إقترح سعدبن معاذ على النّبي ، فقال : يا نبي اللّه ألا نبني لك عريشاً تكون فيه و نعدّ عندك ركائبك ثم نلقى عدوّنا ، فإن أعزّنا اللّه و أظهرنا على عدوّنا ، كان ذلك ما أحبنا ، و إن كانت الاُخرى ، جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا ، فقد تخلّف عنك أقوام ، يا نبي اللّه ، ما نحن بأشدّ لك حبّاً منهم ، ولوظنّوا انّك تلقى حرباً ما تخلّفوا عنك ، يمنعك اللّه بهم ، يناصحونك و يجاهدون معك. فاثنى عليه رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خيراً ، و دعا له بخير ، ثم بنى لرسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عريش ، فكان فيه (2).
تعليق على تغوير القلب و بناء العريش
هذا ما تذكره كتب السيرة ، و لكن للنظر في كلا الأمرين المذكورين مجالاً ، أمّا تغوير القلب و طمّها ، فهو لا يناسب شأن النبي الأكرم ، فقد كان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوصي قادة سراياه عند ما كان يبعثها باُمور ، و يقول : سيروا باسم اللّهو باللّه ، وفي سبيل اللّه ، و على ملّة رسول اللّه ، لا تغلو ، و لا تمثّلوا ، و لا تغدروا ، و لا تقتلوا شيخاً فانياً ، و لا صبيّاً ، و لا امرأة ، و لا تقطعوا شجراً إلاّ أن تضطرّوا إليها.
و في رواية اُخرى : و لا تحرقوا النخل ، و لا تغرقوه بالماء ، و لا تقطعوا شجرة مثمرة ، و لا تحرقوا زرعاً ، لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه (3). 1 ـ السيرة النبويّة ج1 ص620 ، مغازي الواقدي ج1 ص53.
2 ـ السيرة النبويّة لابن هشام ج1 ص620 ـ 621.
3 ـ الوسائل ج11 الباب 5 من أبواب جهاد العدو ، الحديث 2و3.
(324)
فإنّ من يمنع من قطع الشجرة أولى بأن يمنع من طمّ القلب الّتي حفرها رجال الخير لأجل سقاية القوافل الّتي كانت تمرّ من هذا الطريق.
و قد أشار بعض أصحابه في غزوة خيبر أن يمنع جريان الماء إلى قلاع خيبر ، فأبى (1). و قد كانت هذه سيرة وصيّة أميرالمومنين فإنّه ـ صلوات اللّه عليه ـ ورد صفّين و قد سيطر أصحاب معاوية على الشريعة ، فمنعوا أصحاب علي من الإستقاء ، حتّى أصابهم العطش و ضاق الأمر عليهم ، فلم يكن بد من فتح طريق الماء على أصحابه ، فحمل حملة خاطفة مع لفيف من أصحابه على الشريعة فأزال جيش معاوية عنها ، فلمّا إستولى عليها إقترح عليه بعض أصحابه أن يعتدي عليهم بالمثل ، فأبى ، و قال ـ مخاطباً لعسكره ـ : خذوا من الماء حاجتكم و ارجعوا الى عسكركم و خلّوا بينهم و بين الماء ، فإنّ اللّه قد نصركم ببغيهم و ظلمهم (2).
و أمّا بناء العريش للنّبي الأكرم ، فهو بمعزل من الصّحة ، فإنّ قبوله أمام أصحابه الّذين يضحّون بنفسهم ونفيسهم يثبّط من عزائمهم ، و يخفّف من مثابرتهم ، فإنّهم إذا رأوا باُمّ أعينهم أنّ سيّدهم على حالة إذا رأى بوادر الهزيمة فسيجلس على الركائب و ينجي نفسه و يترك أصحابه تحت رحمة عدوّهم ، فلربّما يشكّون في صحّة دعوته و نبوّته ، فلا يصدر مثل ذلك الإقتراح من سيد مثل سعد بن معاذ المعروف بالعقل و الحنكة ، و لو صدر منه ـ على وجه بعيد ـ فلن يقبله النّّبي الأكرم الّذي يصفه علي ( عليه السلام ) بقوله : « كان أقرب الناس إلى العدوّ ، و كنّا إذا احمر البأس إتّقينا برسول اللّه » (3). 1 ـ ناسخ التواريخ ج2 ص400.
2 ـ وقعة صفّين ص180.
3 ـ نهج البلاغة : قسم غريب كلامه برقم 9.
(325)
إرتحال قريش من مقامهم و نزولهم وادي بدر
قد تعرّفت على أنّ النّبي الأكرم قد أسرع في الإرتحال و استقرّ في وادي بدر قبل أن ينزل العدو من وراء الكثيب ، فارتحلت قريش حين أصبحت فأقبلت ، فلمّارأى رسول اللّه نزولهم إلى الوادي قال : « اللّهمّ هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك و تكذّب رسولك ، اللّهم فنصرك الّذي وعدتني ، اللّهم أحنهم (1) الغداة » (2).
و قال الواقدي : و كان أوّل من طلع زمعة بن الأسود على فرس له ، يتبعه ابنه ، فاستجال بفرسه يريد أن يتبوّأ للقوم منزلاً ، فقال رس ـ ول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللّهم إنّك أنزلت عليّ الكتاب و أمرتني بالقتال ، و وعدتني إحدى الطائفتين ، وأنت لاتخلف الميعاد ، اللّهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها و فخرها ... (3).
فلمّا إطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي ، فقالوا : أحرز لنا محمداً وأصحابه ، فاستجال بفرسه حول المعسكر ، فصوّب في الوادي و صعد ، يقول : عسى أن يكون لهم مدد أو كمين ، ثمّ رجع فقال : لا مدد و لاكمين ، و القوم ثلاثمائة إن زادوا قليلاً ، و معهم سبعون بعيراً ، و معهم فرسان ، ثم قال : يا معشر قريش ، البلايا (4) تحمل المنايا ، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع ، قوم ليس لهم منعة ولاملجأ إلاّ سيوفهم ، ألا ترونهم خُرّسا لا يتكلّمون ، يتلمّظون تلمّظ الأفاعي ، و اللّه ما أرى أن يقتل منهم رجل حتّى يقتل منّا رجلاً ، فإذا أصابوا منكم مثل عددهم فماخير في العيش بعد ذلك ، فارتأوا رأيكم (5). 1 ـ أي أهلكهم.
2 ـ السيرة النبويّة ، ج1 ص621.
3 ـ مغازي الواقدي ، ج1 ص29.
4 ـ البلايا جمع بليه و هي الناقة.
5 ـ السيرة النبويّة ج1 ص622 ، و المغازي للواقدي ، ج1 ص62.
(326)
و لمّا قال الجمحي هذه المقالة أرسلوا أبا اُسامة الجشمي و كان فارساً ، فأطاف بالنّبي و أصحابه ، قال : واللّه ما رأيت جلداً ، و لا عدداً ، و لا حلقة (1) ، ولاكراعاً ، ولكنّي واللّه رأيت قوماً لا يريدون أن يعودوا إلى أهليهم ، قوماً مستميتين ليست لهم منعة و لا ملجأ إلاّ سيوفهم (2).
فلمّا سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في النّاس ، فأتى عتبة بن ربيعة ، فاستدعى منه أن يرجع بالنّاس فلبّى دعوته برحابة ، و أمره بالإنطلاق إلى أبي جهل ، ويستدعي منه نفس ذلك ، فرجع إليه و قال يا أبا الحكم : إنّ عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا ( أي أن ترجع بالنّاس و تترك الحرب ) ، فقال : « واللّه لا نرجع حتّى يحكم اللّه بيننا و بين محمّد. و ما بعتبة ما قال ، و لكنّه قد رأى أنّ محمداً و أصحابه أكلة جزور ، وبين أصحابه ابنه ، فقد تخوّفكم عليه ». و بالتّالي أفسد أبوجهل على النّاس الرأي الّذي دعاهم إليه عتبة ، و جرّهم إلى التهلكة و الدمار.

الشرارة الّّتي أشعلت الحرب
كان القوم يتحاورون حول الحرب ، فبين داع إلى ترك الوادي واللحوق بمكّة ، وترك أمر محمّد إلى ذؤبان العرب (3) ، وبين متردّد يقدّم رجلاً ويؤخّر اُخرى ، ومحرّض يدعو إلى الإقدام والقتال ، فبينما كان القوم على هذه الحالة ، خرج الأسود بن عبدالأسد المخزوفي ، وكان رجلاً سيئ الخلق ، فقال : أعاهد اللّه لأشربن من حوضهم ، أو لاُهدِّمنّه أو لأموتنّ دونه ، فلمّا خرج ، خرج إليه حمزة بن عبدالمطلب ، فلمّا إلتقيا ، ضربه حمزة فأطار قدمه بنصف ساقه ، و هو دون الحوض ، فوقع على ظهره تشخب رجله دماً ، ثم حبا إلى الحوض ، حتّى وقع فيه ، يريد أن يبرّ يمينه ، فتبعه حمزة وضربه حتى قتله في الحوض. 1 ـ أي سلاحاً.
2 ـ المغازي ج1 ص62.
3 ـ صعاليكهم.
(327)
و هذه الحادثة فرضت الحرب على قريش وأبطلت فكرة الرجوع ، فخرج عتبة ابن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن ربيعة ، حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه فتية من الأنصار. فقالوا : من أنتم ؟ فقالوا : رهط من الأنصار ، قالوا : مالنا بكم من حاجة ، ثم نادى مناديهم : يا محمّد ، أخرج إلينا أكفّاءنا من قومنا ، فقال رسول اللّه : قم يا عبيدة بن الحارث ، وقم يا حمزة ، وقم ياعلي ، فلمّا قاموا ودنوا منهم. قالوا : من أنتم ؟ قال عبيدة : عبيدة ، وقال حمزة : حمزة ، وقال علي : علي. قالوا : نعم أكفّاء كرام ، فبارز عبيدة ، وكان أسن القوم عتبة بن ربيعة ، و بارز حمزة شيبة بن ربيعة ، وبارز عليّ الوليد بن عتبة ، فأمّا حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله ، و أمّا علي فلم يمهل الوليد أن قتله ، وإختلف عبيدة و عتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه (1) ، و كرّ حمزة و علي بأسيافهما على عتبة ، فأسرعا قتله ، و احتملا صاحبهما.
ثّم تزاحف النّاس و دنا بعضهم من بعض ، وقد أمر رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أصحابه أن لا يحملوا حتّى يأمرهم ، فقال : إن أكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنّبل. ثم عدّل رسول اللّه الصفوف ، و ناشد ربّه وقال : « اللّهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لن تعبد » ثم خرج رسول اللّه إلى النّاس فحرّضهم و قال : والّذي نفس محمّد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلاّ أدخله اللّه الجنّة.
ثّم إنّ رسول اللّه أخذ حفنةً من الحصباء فاستقبل قريشاً بها ، ثم قال : شاهت الوجوه ، ثم نفحهم بها. وأمر أصحابه فقال : شدّوا ، فكانت الهزيمة ، فقتل اللّه تعالى من قتل من صناديد قريش ، وأسر من أسر من أشرافهم وفرّ من فرّ إلى مكّة.
وكان شعار أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم بدر : أحد ، أحد. فكانت الهزيمة لقريش والنّصر للمسلمين. 1 ـ جرحه جراحة لم يقم معها.
(328)
الإعانات الغيبيّة
إنّ غزوة بدر من أعظم غزوات النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان إنتصاره فيها معجزة غيبيّة تفضّل بها سبحانه على اُمّة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث إلتقى في وادي بدر فئتان غير متكافئتين عدداً وعدّة ، ولقد كان عدد المشركين ثلاثة إضعاف عدد المسلمين ، كان المشكون بين تسعمائة وألف (1) وعدد المسلمين ثلاثمائة وبضع وعلى قول ثلاثمائة وثلاثة عشر لم يكن لدى المسلمين إلاّ فرسان ، وقد تعرّفت على كلمة أبي اُسامة الجشمي رائد القوم ( قريش ) « ... واللّه مارأيت جلداً ولا عدداً ولا حلقة ولا كراعاً » (2).
و مع ذلك كلّه ، غلبت هذه الفئة القليلة تلك الفئة الكثيرة ، لقوّة إيمانها وتفانيها دون رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ودينهم ، وفي ظل إعانات غيبيّة يذكرها القرآن الكريم ، سيوافيك بيانها.
قال سبحانه : ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اْللّهُ بِبَدْر وَأَنْتُم أَذِلَّةً فَاْتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُم تَشْكُروُنَ ) ( آل عمران/123 ).
نعم ، كانوا أذلاّء ، فصاروا أعزّاء أقوياء بفضله وكرمه. قال سبحانه : ( وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤمِنِينَ وَلكِنَّ المُنافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ) ( المنافقون/8 ) فصاروا أعزّاء بعنايات ربّانية ، وإعانات غيبيّة تكفّل الذكر الحكيم ببيانها ونحن نذكرها إستلهاماً منه ، وتصل أنواعها إلى ثمانية ، وكان لها الدور الهام في إنتصار المسلمين. 1 ـ قال الواقدي : « و خرجت قريش بالجيش يتقاذفون بالحراب ، و خرجوا بتسعمائة وخمسين مقاتلاً ، و قادوا مائة فرس ، و كانت الإبل سبعمائة بعير ، و كان أهل الخيل كلّهم دارع و كانوا مائة ، و كان في الرجالة دروع سوى ذلك » المغازي ، ج1 ص39.
2 ـ المغازي ج1 ص62.
(329)
1 ـ إراءة العدو قليلاً في المنام
قد رأى النّبي في المنام وقعة بدر ، وأراه سبحانه عدد العدو قليلاً فيه ليصون المسلمين بذلك عن الفشل والتنازع ، قال سبحانه : ( إذْ يُرِيكَهُمُ اْللّهُ فِى مَنِامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُم كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُم فِى اْلأمْرِ وَلكِنّ اْللّهَ سَلَّمَ إنَّهْ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) ( الأنفال/43 ).
إنّ الآية تصرّح بأنّه سبحانه أراهم للنّبي في منامه قليلاً ، وبيّن أنّ سبب ذلك هو منع طروءأمرين بين المسلمين ، أشارإليهما بقوله :
أ ـ ( لفشلتم )
ب ـ ( ولتنازعتم )
والّذي يلزم الفات النظر إليه هو أنّ اللّه سبحانه ينسب الأمرين إلى المسلمين لاإلى النّبي الأكرم ، وهذا يعرب أنّ إراءة العدو قليلين كان مؤثّراً في عزائم المسلمين لا في عزيمة النّبي الأكرم ، فإنّه ( صلوات اللّه عليه وآله ) كان ثابتاً ، قليلين كانوا أم كثيرين ، وإنّما أراهم النّبي قليلاً حتّى ينقل رؤياه إلى المسلمين حسب مارآه ، فتشتدّ عزيمتهم وترتفع معنويّاتهم بظنّ انّ أعدائهم أقلاّء.
2 ـ إراءة كلّ من الفريقين الآخر قليلاً في بدء الحرب
ومن إعاناته تعالى الغيبيّة أنّه سبحانه أرى كل فريق للفريق الآخر ـ عند إبتداء الحرب ـ قليلاً ، وقد كانت تكمن في ذلك فلسفة إنتصار الحق على الباطل وزهوقه ، فأرى المشركين المؤمنين قليلين ، كما أرى المؤمنين للفريق الآخر كذلك ، حتّى إنّ أبا جهل قال : خذوا أصحاب محمّد بالأيدي (1). 1 ـ مجمع البيان ج2 ص547.
(330)
إنّما أرى المشركين المؤمنين قليلين ، حتّى لا يورث ذلك رُعبا ووحشة في قلوبهم ، وقد مرّ في الإعانة الاُولى أنّه سبحانه فعل ذلك دفعاً للفشل والتّنازع.
و إنّما أرى المؤمنين للمشركين قليلين لئلاًّ يتأهّبوا ويستشرسوا في القتال ، ويتخيّلوا أنّهم لا يحتاجون في دفع عدوّهم إلى بذل جهد كبير.
قال سبحانه مشيراً إلى ذلك بقوله : ( وَإذْ يُرِيكُمُوهُمْ إذِ اْلتَقَيْتُم فِى أَعيُنِكُم قَلِيلاً وَيُقَلِلُّكُمْ فِى أعْيُنِهِم ، لِيَقْضِىَ اْللّهُ أمْرَاً كَانَ مَفْعُولاً وَإلَى اْللّهِ تُرْجَعُ الأُمُوُر ) ( الأنفال/44 ) و حاصل الآية أنّه سبحانه قلّل الفريقين في عين الآخر ، ولولا ذلك لانتهى الأمر إلى فشل المسلمين أو إلى فرار العدوّ من المعركة ، بحفظ أنفسهم.وقد تعلّقت مشيئته بإبادتهم.

3 ـ إراءة المشركين كثرة المؤمنين أثناء القتال
و هناك إعانة غيبيّة ثالثة وهي أنّه سبحانه أرى المؤمنين للمشركين في أثناء القتال كثيرين ، على خلاف ما أراهم إيّاه عند إبتداء القتال.
إنّ المصلحة قد اقتضت أن يُري سبحانه المؤمنين للعدو كثيرين على خلاف ما أراهم عند أوّل الحرب و ذلك حتّى يتخيّل العدو أنّه وصل إلى المسلمين مددٌ كانوا بعيدين عن المعركة حتّى تتزعزع بذلك معنويّاتهم و يتقهقروا عن ميدان المعركة بعد ما فتك بهم المسلمون بقتل كثيرين منهم و أسر آخرين.
قال سبحانه : ( قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِى فِئَتَيْنِ اْلتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِم رَأْىَ العَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَآءُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لاُِّولِى اْلأبْصَارِ ) ( آل عمران/13 ).
اُنظر إلى قوله سبحانه : ( يرونهم مثليهم رأى العين ) فإنّ هذه الجملة ناظرة إلى أثناء الحرب ، وماورد في الإعانة الغيبيّة الثانية ناظر إلى أوّل الحرب.

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى